حفر منتخب التانغو لكرة القدم اسمه في تاريخ مسابقة “كوبا اميركا” بعد ان انفرد في عدد الالقاب التي حققها (16 لقباً) متخلياً بالتالي عن شراكته مع الاوروغواي التي كانت سائدة قبل المباراة النهائية التي جمعت الارجنتين وكولومبيا وانتهت بالفوز بهدف يتيم للارجنتينيين.
لم تكن المباراة عابرة وفق كل المقاييس، فهي تأخرت لنحو ساعة بسبب اجراءات امنية (اثر اكتشاف دخول مشجعين من دون تذاكر)، وحصلت على اراض اميركية، وكانت بالغة الحساسية للطرفين، لان ابطال العالم ارادوا دخول التاريخ من اوسع ابوابه، فيما طمح الكولومبيون الى استمرار مسيرتهم المتلاحقة من الانتصارات والتي بلغت 28 انتصاراً.
دخل الطرفان المباراة بحذر، وبدا واضحاً ان النوعة الهجومية المخض غائبة عنهما، وافتتح الارجنتينيون مسلسل الفرص الضائعة باكراً جداً عبر كرة سددها بتهوّر خوليو افاريز وهو مواجه للمرمى، فأطاح بها الى خارج الملعب. وانحصر اللعب في وسط الملعب، مع افضلية كبيرة للكولومبيين، فيما تكفّل انخيل دي ماريا في اقلاق راحة منافسيه عبر تحركاته ونشاطه الكبيرين، وقد اثبت بالفعل انه لم يتراجع مع تقدمه بالسن، فيما لم يقم قائد الفريق ليونيل ميسي بأي تحركات خارجة عن المألوف. في المقابل، قاتل الكولومبيون بشراسة في وسط الملعب، وتوفرت لهم بعض الفرص المهمة ابرزها الكرة التي سددها كوردوبا فارتطمت بالقائم وخرجت، وضغطوا بقوة وكانت تمريراتهم سهلة وسيطروا على نسبة الاستحواذ على الكرة، وتحركوا بشكل متقن كمجموعة واحدة، ما صعّب عملية اختراقهم من قبل ميسي ورفاقه.
ومع انتهاء الشوط الاول من دون اهداف، امل المشجعون مشاهدة شوط ثان اكثر حماسة، الا انهم اصيبوا بخيبة امل، خصوصاً بعد ان تعثر ميسي ولوى كاحله، فاضطر الى الخروج في الدقيقة 66 وهو يبكي متأثراً بعدم قدرته على متابعة المباراة. وعلى الرغم من حساسية المباراة وقوتها، لم ترق الى المستوى المطلوب، ولم تكن هناك من فرص بالغة الخطورة، ولكنها شهدت بعض الفرص الضائعة للارجنتينيين بالتحديد لم يحسنوا استغلالها، لينتهي الشوط الثاني بالنتيجة نفسها، ويلجأ المنتخبان للوقت الاضافي.
واجى المدرب الارجنتيني ليونيل سكالوني تغييرات اثبتت جدواها، فدفع بلاوتارو مارتينيز، وباريديس ولو سيلسو لاضفاء نشاط اكبر في الوسط والهجوم، فتحسن الاداء نسبياً، غير ان الكولومبيين احسنوا اغلاق منطقتهم ولم يرتكبوا هفوات كبيرة، فانتهى الشوط الاول الاضافي من دون اهداف ايضاً. وفي الشوط الثاني، تغيّرت الامور، وبدا التعب على المنتخبين، الا ان العناصر الجديدة التي دخلت في صفوف الارجنتينيين تفوقت على تلك التي استعانت بها كولومبيا، ونجح لاوتارو في “سرقة” هدف غال جداً، قبل نحو 8 دقائق على نهاية المباراة، اشعل المدرجات واعطى الامل لزملائه بأن الامور اصبحت على مشارف الانتهاء لصالحهم. وخرج دي ماريا قبل نهاية الدقائق الباقية وهو يبكي ايضاً لعلمه ان هذه مباراته الاخيرة مع المنتخب. وحاول الكولومبيون استدراك الوضع، لكن تماسك الدفاع الارجنتيني واصرار خط الوسط على عرقلة الهجمات، حالا دون حصول اي مفاجآت جديدة لتعلن صافرة الحكم نهاية المباراة وتتويج الارجنتين باللقب للمرة الثانية على التوالي.