كتب المحامي الدولي الاردني فيصل الخزاعي الفريحات
أغتيال اللواء العرموشي وبعض مرافقيه بدم بارد هو السبب بإشعال الفتنه داخل المخيم وتفجر الأوضاع داخله ، الأغتيال تم بتخطيط مسبق لخدمة أهداف وغايات غير فلسطينيه وهدفه المخيمات الفلسطينية في الدول العربية والتي تشكل معضلة الكيان الصهيوني وأمريكا، فالمخيمات الفلسطينيه وجودها مرتبط بالأساس بحق العودة والقرار ( 194 ).
الصراع الدامي في عين الحلوة قبل أيام يعيدنا إلى مخيم نهر البارد 2007 ، وما زال الأهالي ينظرون بأسى لما حل بهم جراء نزاع لم تكن لهم فيه ناقة ولا جمل، فعلى الرغم من مرور ما يقارب ستة عشر عاماً على إندلاع العمليات العسكرية بين الجيش اللبناني وتنظيم فتح الإسلام في المخيم، ما تزال معاناة السكان وكذا النازحين منه على حالها دون جديد.
وقد خلّفت العمليات التي إستمرت في المخيم (100 كلم شمال بيروت) مدة ثلاثة أشهر بدءاً من مايو/ أيار 2007 وراءها دماراً كبيراً، لم تسعفه بعدُ وعود الإعمار “الكثيرة والبطيئة والمعقدة”، كما يصفها سكان المخيم المنكوب.
أحداث مخيم نهر البار ، تضعنا أمام حالة الصراع الذي يشهده مخيم عين الحلوة وقد خيّمت حاله من الذهول في مخيم عين الحلوة أكبر مخيمات الشتات الفلسطيني حيث يقطنه ( 70 ) ألف نسمة يعيشون في قلب مدينة صيدا بوابة الجنوب على كل المستجدات السياسية والمالية في لبنان، فالمخيم يقع عند نقطة جغرافية إستراتيجية تتقاطع مع مصالح إقليمية ودولية وتتضارب مع مصالح الشعب الفلسطيني وأولها حق العودة كما سبق وأوضحنا.
القراءات السياسية لما يجري في المخيم وفي هذا التوقيت بالذات يأتي ضمن سياق بات مؤكداً بالكامل من قبل المعنيين العارفين بأدق التفاصيل وهو السيطرة على المخيم من قبل الجماعات الإسلامية المتطرفة وحال نجح المخطط يصبح في دائرة الأستهداف من قبل ألدوله اللبنانية والإقليمية والدولية مع ما يخلفه الصراع من تداعيات على الفلسطينيين بمختلف مكونهم السياسي.
وفي القراءة السياسية السائدة لدى المطلعين على الحوادث وتطورها أنه توجد قوى إسلامية مختلفة الجنسيات منضوية تحت مسميات إسلاميه بطابع فلسطيني قررت السيطرة على المخيم مدفوعة من قوى خارجية وإقليمية في إطار إعادة تموضع للجماعات داخل المخيم كما كان في السابق ليكون محطة إرتكاز وخصوصاً بعد وصول أعداداً من الأصوليين ممن كانوا يقاتلون في سوريا والعراق إلى المخيم وعلى مراحل.
إندلعت هذه الإشتباكات ألتي دمرت أجزاء لا يستهان بها من المخيم وشردت قرابة الألفي شخص لغاية يوم الثلاثاء الماضي بحسب بيان للأونروا، على خلفية أغتيال قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني يوم الأحد الفائت اللواء أبو اشرف العرموشي و4 من رفاقه بكمين محكم من قبل مجموعة إرهابية تتحصن في المخيم منذ مدة وقامت قبل ذلك بالعديد من عمليات الإغتيالات.
ووفق رؤيا المحللين والمتابعين من داخل لبنان هناك مشروعاً كبيراً يتعدى مخيم عين الحلوة إلى لبنان من أجل سيطرة تنظيمي “جبهة النصرة” و”داعش” الإرهابيين على المخيم، وأن “الدولة اللبنانية حكومة وأجهزة مختصة تعرف جيدأ بدخول عدد من الأشخاص إلى المخيم من الذين حاربوا في سوريا إلى لبنان وهم من جنسيات لبنانية وسورية وعراقية.
وهذا “مشروع يرتكز إلى عدة نقاط أولها : محاولة السيطرة على مخيم عين الحلوة من خلال الأستيلاء على مربعات محددة . ثانيها : القضاء على قوات الأمن الوطني الفلسطيني التابعة لمنظمة فتح” القوة الأقدر على فرض الأمن الضبط والنظام في المخيم بتعاونها مع بعض القوى في المخيم حيث أنها تقود القوة الأمنية المشتركة في المخيم.
وللتدليل على هذا المخطط “بعد أغتيال المغدور اللواء العرموشي شنّت هذه المجموعات المتطرفة هجمات بلا هوادة لمدة يومين إثنين على 6 مواقع تابعة للأمن الوطني الفلسطيني بهدف السيطرة عليها لكنها لم تتمكن من تحقيق هدفها”.
الإشتباكات المسلحة التي دارت في مخيم عين الحلوة جنوبي لبنان وأقولها كمحامي دولي ومراقب ومتابع للشأن الفلسطيني في لبنان بالغة الخطورة، ويمكن أن تؤدي إلى مزيد من التدهور، سواء داخل لبنان خاصة أو على المستوى الفلسطيني بشكل عام، كما أنها جاءت بالتزامن مع أجتماع قادة الفصائل الفلسطينية في القاهرة بحضور السيد الرئيس محمود عباس، وسيكون لهذه الإشتباكات تداعيات على الفلسطينيين أنفسهم نتيجة جهل البعض بحقائق وحقيقة وجوهر ما يشهده مخيم الحلوة من مؤامرة تستهدف بالأصل الوجود الفلسطيني في لبنان وتحديداً المخيمات الفلسطينية وبتنا نشهد أنحراف وتحريف للبوصلة ضمن عملية التشتيت والترويع مسبوقة بحملات إعلاميه هدفها تغذية الصراع الفلسطيني الداخلي حتى يحقق مخطط عين الحلوة أهدافه من خلال التشتيت والتعمية والتغاضي عن الحقائق.
من المؤكد أن الأحداث الدامية في مخيم عين الحلوة بالغة الخطورة لسببين الأول : أنها من الممكن أن تتوسع لبنانياً خاصة مع الحديث عن بعض الإمتدادات خارج المخيم، وتدخلات من قبل مسئوليين حكوميين لبنانيين في شؤون المخيمات، وكذلك بالعكس تدخلات فلسطينية في الشأن السياسي اللبناني ( كلاهما يُخالف إتفاق الطائف ) وهو ما يُخشى أن يُمهد الطريق لتوسع هذه التوترات على الساحة اللبنانية.
أما السبب الثاني فهو أن هذه الإشتباكات في مخيم عين الحلوة تُغذي الأنقسام الداخلي الفلسطيني، وتزيد من عمقه، والأخطر من ذلك أنها تعني بالضرورة أن الأنقسام بين الضفة وغزة، أو بين حماس وفتح في الداخل، يُمكن أن يتوسع ويمتد إلى فلسطينيي الخارج، وهذه كارثة كبيرة ومكتملة الأركان وفق المخطط المرسوم، إذ أن ” الأنقسام الداخلي” يجب أن يظل داخلياً، ويجب محاصرتُه، ومحاصرة أمتداداته وهذا يتطلب بالتأكيد وعي إعلامي ووقف ضخ المعلومات المضللة والبيانات الكاذبة، إن فلسطينيي الخارج كانوا وما زالوا ديمومة الصراع مع الكيان الصهيوني وهم ورقه مهمة جدأ وهذا يتطلب منهم الحفاظ على وحدتهم وتطلعاتهم وتمسكهم بحق العودة، وهم في حقيقة الأمر لديهم القدرة على تجاوز الأنقسام الداخلي والقفز عليه عبر العمل المشترك في الخارج الذي يجب أن لا يحتوي على أي تمييز أو تفرقه بين فلسطيني وآخر، مخيم عين الحلوة وكل المخيمات الفلسطينية بالأصل يجب أن لا يكون مكان للتجاذب والأختلاف السياسي ، ولا فتح وحماس والجهاد، فالجميع سواء في مخيمات اللجوء بأنتظار حق العوده للأجئين.
وخلاصة القول نحن اليوم أحوج ما نكون لوعي الحقيقة وعدم الوقوع في فخ الإعلام المضلل والمأجور الذي لا هدف له سوى تأجيج الصراع وتعميق الأنقسام وتحريف للبوصلة عن أولوية الصراع مع الأحتلال الإسرائيلي.
إن الأنقسام والأقتتال الداخلي لا يُمكن أن يصب في مصلحة القضية الفلسطينية وفي المحصلة على الجميع الترفع لمستوى مسؤولياتهم، ولا يمكن لفصيل أو تنظيم مهما كانت قوته أن ينتهي بإقصاء طرف ولا بأنتصار آخر، فالأمر كذلك في المخيمات وفي كل دول الشتات، إذ سيظل التباين السياسي قائماً بين الناس لأنها طبيعة البشر، وستظل الخلافات في التقديرات قائمة، وهذا يتطلب فعلا شراكه حقيقية لكافة القوى الفلسطينية ضمن سياسة تعدديه تحترم من خلالها القوى والفصائل حرية الرأي والرأي الآخر دون إقصاء للآخر وتفويت ألفرصه على المتآمرين لإسقاط الهوية الوطنية والقضية الفلسطينية من الذاكر، وعليه لتتوحد كافة الجهود لإخماد الفتنه التي تحاك ضد المخيمات الفلسطينية ابتدأت بمخيم نهر البارد لتطال مخيم عين الحلوة والقائمه لا تزال طويله ، فالحذر الحذر يا شعب الجبارين.