الصحة العقلية في المجتمع الأهمية والتحديات والحلول
بقلم د : خالد السلامي
في العقود الأخيرة، أصبحت الصحة العقلية موضوعًا مهمًا في الحوار العام. ومع ذلك، يتم تجاهلها غالباً في العديد من المجتمعات، مما يؤدي إلى تكرار الأنماط السلبية والتمييز. سنحاول أن نسلط الضوء على أهمية الصحة العقلية وكيف يمكن للمجتمعات دعم الأفراد في تجنب مشكلات الصحة العقلية.
الصحة العقلية هي جزء أساسي من الصحة العامة. تؤثر على كيفية تفكيرنا وشعورنا وتصـرفنا، وتلعب دورًا مهمًا في كيفية التعامل مع الضغوط اليومية، والعلاقات مع الآخرين، واتخاذ القرارات. عندما تتأثر صحتنا العقلية، يمكن أن يكون لها تأثير كبير على جودة حياتنا وقدرتنا على الوفاء بالتزاماتنا. الصحة العقلية ليست فقط عن الغياب المرض، بل هي عن الرفاهية العقلية والقدرة على التمتع بالحياة وتحقيق الإمكانات الشخصية.
رغم أهميتها، فإن الصحة العقلية غالباً ما تتم معالجتها بشكل غير كاف في العديد من المجتمعات. قد يكون هناك نقص في الخدمات الصحية العقلية، والتمييز ضد الأشخاص الذين يعانون من مشكلات الصحة العقلية، والخوف والوصم المرتبطين بالبحث عن المساعدة. كثيراً ما يتم تجاهل الأشخاص الذين يعانون من مشكلات الصحة العقلية أو يتم التعامل معهم بطرق غير مناسبة، مما يمكن أن يؤدي إلى تفاقم المشكلات ويجعل البحث عن المساعدة أكثر صعوبة.
العلاقة بين النمط الغذائي والصحة العقلية هي موضوع بحث متزايد الأهمية. العديد من الدراسات الحديثة أظهرت أن النظام الغذائي يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في الصحة العقلية. الأطعمة التي نتناولها ليست مجرد وقود لأجسامنا، بل أيضًا توفر العناصر الغذائية التي تحتاجها أدمغتنا للعمل بشكل صحيح.
الأطعمة الغنية بالأحماض الدهنية أوميغا-3، مثل الأسماك الدهنية والجوز، تم توصيفها بأنها مفيدة للصحة العقلية. هذه الأحماض الدهنية تلعب دورًا مهمًا في وظائف الدماغ، بما في ذلك الذاكرة والمزاج. الأطعمة الغنية بالألياف، مثل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة، أيضًا مهمة للصحة العقلية، حيث تساعد على تنظيم السكر في الدم والحفاظ على الشعور بالراحة.
من ناحية أخرى، الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون المشبعة، مثل الأطعمة المعالجة والوجبات السريعة، قد تكون ضارة للصحة العقلية. هذه الأطعمة قد تسبب التهابًا في الجسم، والذي تم ربطه بمجموعة من القضايا الصحية العقلية، بما في ذلك الاكتئاب.
من الجدير بالذكر أن النظام الغذائي هو فقط جزء واحد من الصورة الكبيرة. النشاط البدني، النوم الجيد، والتعامل مع الضغوط الحياتية، كلها عوامل مهمة في الصحة العقلية. ومع ذلك، يمكن أن يكون النظام الغذائي الصحي جزءًا مهمًا من النهج الشامل لدعم الصحة العقلية.
النشاط البدني له تأثير مباشر وقوي على الصحة العقلية. العديد من الدراسات أظهرت أن النشاط البدني يمكن أن يساعد في تقليل الأعراض المرتبطة بالاكتئاب والقلق. عندما نمارس الرياضة، يفرز جسمنا هرمونات السعادة المعروفة باسم الإندورفين. هذه الهرمونات تساعد في تحسين المزاج وتعزيز الشعور بالراحة.
بالإضافة إلى ذلك، النشاط البدني يمكن أن يساعد في تحسين النوم، والذي يلعب دورًا مهمًا في الصحة العقلية. كما أنه يمكن أن يساعد في تقليل التوتر وتحسين التركيز والذاكرة. ليس فقط الرياضة الشاقة، حتى الأنشطة البدنية الخفيفة مثل المشـي أو اليوغا يمكن أن تكون مفيدة.
كما أن التدريبات الذهنية، مثل التأمل والتدريبات العقلية القائمة على الذاكرة، يمكن أن تكون أداة قوية للحفاظ على الصحة العقلية وتجنب المشكلات العقلية في المستقبل. هذه التدريبات تساعد في تعزيز القدرة على التركيز وتحسين الذاكرة، وكلاهما عنصـران مهمان للصحة العقلية.
التأمل، على سبيل المثال، يمكن أن يساعد في تقليل التوتر والقلق وتحسين الراحة العقلية. يمكن أن يساعد أيضًا في تحسين القدرة على التعامل مع الضغوط الحياتية وتعزيز الشعور بالرضا عن الذات. التدريبات العقلية الأخرى، مثل الألعاب الذهنية والألغاز، يمكن أن تساعد في تحسين الذاكرة والقدرة على التركيز، والتي يمكن أن تكون مفيدة للصحة العقلية على المدى الطويل.
لتحسين الصحة العقلية في المجتمع، يجب على المجتمعات أن تتخذ خطوات محددة. هذا يمكن أن يشمل توفير الدعم للأفراد الذين يعانون من مشكلات الصحة العقلية، وتعزيز الوعي بأهمية الصحة العقلية، والعمل على تقليل الوصم المرتبط بالصحة العقلية. يمكن أن يتضمن هذا توفير الرعاية الصحية العقلية الجيدة، وتعزيز الوعي بالصحة العقلية في المدارس ومكان العمل، وتقديم الدعم للأشخاص الذين يعانون من مشكلات الصحة العقلية.
الصحة العقلية هي موضوع مهم يجب ألا يتم تجاهله. من خلال العمل معاً كمجتمع، يمكننا تحسين الدعم للصحة العقلية وتعزيز الصحة والسعادة للجميع. الاستثمار في الصحة العقلية ليس فقط الشيء الصحيح الذي يجب القيام به، ولكنه يمكن أيضًا أن يكون مفيدًا من الناحية الاقتصادية، حيث يمكن أن يؤدي إلى تحسين الإنتاجية وتقليل التكاليف الصحية.
المستشار الدكتور خالد السلامي -، سفير السلام والنوايا الحسنة وسفير التنمية ورئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة ورئيس مجلس ذوي الهمم والإعاقة الدولي في فرسان السلام وعضو مجلس التطوع الدولي وأفضل القادة الاجتماعيين في العالم لسنة 2021 وعضو الامانه العامه للمركز الأوروبي لحقوق الإنسان والتعاون الدولي وعضو التحالف الدولي للمحامين والمستشاريين الدوليين