نظمت “شبكة عملي حقوقي” ورشة عمل بعنوان “الصناديق الضامنة بين التعدد وسياسة حماية اجتماعية شاملة للجميع” في فندق بادوفا – سن الفيل، لمناقشة الأهمية والحاجة الى سياسة حماية اجتماعية توفر التقديمات لجميع المواطنين بغض النظر عن عملهم. بمشاركة حشد من الخبراء واصحاب القرار وفاعلين/ات ومؤثرين/ات ونقابيين/ات وناشطين/ات وحقوقيين/اتب.
بداية عرّف د. احمد الديراني بالشبكة التي تضم 14 من منظمات المجتمع المدني في لبنان، تعمل لتحقيق العدالة والحماية الاجتماعية والقانونية الشاملة، لا سيما للعمال/ات والموظفين/ات في سوق العمل بما يتوافق والقانون الدولي لحقوق الانسان.
فيلم قصير عن الصناديق الضامنة وتعددها وعدم فعاليتها تحدث فيه الكاتب الاقتصادي محمد زبيب والناشط الحقوقي اسعد سمور فاعتبرا ان الصناديق المتعددة لا تؤمن الحماية المطلوبة للجميع، وكشفا عن ان اموال الصناديق الضامنة تقلصت الاف الاضعاف وباتت رهينة في المصارف، وبات نحو 80 % من الاسر ينطبق عليها توصيف الفقر.
الخبير الاقتصادي د. كمال حمدان قال ان مؤشر التضخم في لبنان خلال السنوات الثلاث وصل الى 800 % والغذاء فاق ال 1000 %، وابدى قلقا من مفاعيل خطة التعافي الاقتصادي التي تغيب عنها المسألة الاجتماعية وتعطي الاولية لاعادة هيكلة القطاع المصرفي واختصار المصارف ب 14 مصرفا وشطب ديونها على الدولة (70 – 80 مليار دولار) والتي هي عبارة عن ودائع الناس، فضلا عن نظام التشركة في المؤسسات العامة.
وشدد حمدان على ضرورة تحميل النظام السياسي المسؤولية عن الانهيار وتوزيع الخسائر (قص الشعر) على المساهمين الكبار بالبنوك ثم كبار المودعين ثم الدولة، ورأى ان الحل الامثل يكمن في توفير تغطية صحية شاملة لجميع المواطنين، مما يحقق ربطا بين كل اللبنانيين ويحررهم من قيود الزبائنية ومن سطوة كاريتلات المستشفيات ودكاكين الطوائف وشركات الادوية، واعتبر ان من واجب الدولة في الازمة الكبرى التي نعيشها اتخاذ القرارات الاساسية لتوفير مرتكزات الحماية الاجتماعية واقرار اجر يساوي كلفة المعيشة وضمانات تحمي الصحة وتؤمن التقديمات الاجتماعية. وكشف ان الدولة تنفق حاليا على الرعاية الصحية للمواطنين غيرالمضمونين 1,8 مليار دولار سنويا وقال ان تأمين تغطية صحية شاملة لجميع اللبنانيين لن يكلف الدولة الا زيادة 60 % على هذا المبلغ مع امكانية تحقيق وفر 15 %.
وتناول وضع صندوق الضمان الاجتماعي الذي يضمن 1,2 مليون انسان وهو يعيش عجزا ماليا منذ 10 سنوات، وقد مدت الدولة يدها على اموال صندوق تعويضات نهاية الخدمة فيه، مطالبا باعادة النظر في النظم الضريبية واعتماد الضريبة التصاعدية والضريبة على الثروة والريع.
نقيب المهندسين عارف ياسين اعتبر ان اسباب الانهيار الاقتصادي يتقاسمها حاكم المصرف المركزي والمصارف والمنظومة السياسية الطائفية الحاكمة وتبعيتها للخارج، وقال ان تأمين تغطية صحية شاملة للمواطنين هو حق لهم في الزمن العادي فلا يجوز ان يتركوا للموت جوعا او مرضا في زمن الانهيار الذي نعيش، ورأى ان الاولوية الان هي لتوفيرتغطية صحية واجتماعية شاملة وثانيا للتنسيق بين الصناديق الضامنة لتأمين خدمة افضل وأشمل، منتقدا فكرة انشاء صندوق سيادي ورأى فيه اداة جديدة للنهب والسطو على الاملاك العامة.
وكشف ياسين ان اموال صندوق تعاضد نقابة المهندسين في بيروت حوالي 250 مليون دولار هي محتجزة في المصارف علما انها اموال تلامس المال العام وهي لم تودع للاستثمار وجني الارباح، بل لخدمة المهندسين والمتقاعدين منهم، متعهدا بمواصلة الصراع مع المصارف للافراج عنها وعن سائر ودائع اللبنانيين.
د. مجتبى مرتضى ممثل رابطة الاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية رأى ان توحيد الصناديق الضامنة قبل قيام دولة توقف الهدر والزبائنية يعني خسارة اساتذة الجامعة جزءً من حقوقهم المكتسبة، مطالبا بتوفير التغطية الصحية الشاملة اولا والمحافظة على خصوصيات القطاعات التي حققت صناديقها الخاصة عبر نضال طويل، مشيرا الى ان صندوق تعاضد اساتذة الجامعة الذي كان يغطي 90 % من فاتورة الاستشفاء صار الان في ظل الازمة يغطي 10 % فقط.
د. مصطفى سعيد المسؤول في منظمة العمل الدولية عن الانشطة العمالية في المنطقة العربية ، قال ان مفهوم الحماية يقوم على فلسفة تقليل المخاطر على البشر لكنها محكومة بميزان القوى الاجتماعي المسيطر، ورأى ان سماح السلطة بانشاء الصناديق الضامنة للقطاعات النخبوية الخاصة كان لتمييز تلك النخب ولإراحة النظام من خطرها التغييري، وان تعدد هذه الصناديق عزز النظام الطائفي القائم على الزبائنية الذي وظف بعضها في مشاريع استثمارية تحتمل الخسارة وضياع مدخرات المضمونين.