يوم الاثنين السادس من كانون الأول الجاري في قاعة الأسمبلي هول، وفي الذكرى الخامسة والخمسين بعد المئة لتأسيسها في الثالث من كانون الأول العام ألف وثمانمئة وستة وستين، أقامت الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) احتفالها السنوي بيوم المؤسسين، وقد بُثّ الاحتفال مباشرة على قناة اليوتيوب الخاصة بالجامعة.
والجامعة تحتفل أيضاً هذا العام بمرور مئة سنة على بدء التعليم المختلط للذكور والإناث فيها. وقد استقبلت الجامعة لأول مرة الطالبات في حرمها الجامعي في العام ألف وتسعمئة وخمسة. وكنّ رائدات أوائل في مدرسة التمريض. وفي العام ألف وتسعمئة وواحد وعشرين، شرّعت الجامعة الأميركية في بيروت أبوابها للنساء في كل الحقول.
وفي كلمته الترحيبية في الاحتفال، قال الدكتور فضلو خوري، رئيس الجامعة الأميركية في بيروت، “على الرغم من أن مؤسسينا تصوّروا أن الطلاب وأعضاء هيئة التعليم سيكونون من الذكور فقط، إلا أن المبادئ التي تأسّست عليها الجامعة كانت تشير إلى الشمول.” وأضاف، “جامعات النخبة العريقة وغيرها من الجامعات الغربية الكبرى استغرقت نصف قرن تقريباً لتحذو حذونا، وحين فعلت، كانت الجامعة الأميركية في بيروت قد خرّجت دبلوماسيات واستاذات وممرضات وطبيبات ومولِّفات وغيرهنّ من الرائدات.”
وأشار إلى أن الأجيال الأولى القليلة من خريجات الجامعة الأميركية في بيروت تضمنت المدافعة الفاعلة عن حقوق المرأة عنبرة سلام، ومؤسِّسات المدرسة الأهلية التحويلية، وداد وسلمى المقدسي وأنجِلا جرداق، التي أصبحت أول دبلوماسية في لبنان. وبعد بضعة عقود، أصبحت غادة السمان واحدة من أكثر الكتّاب جرأة في العالم العربي، وبعدها، أصبحت زها حديد أول امرأة تفوز بجائزة بريتزكر المرموقة في الهندسة المعمارية.
وقال الدكتور خوري، “هناك رابط قوي يجمع هؤلاء الرائعات بالأجيال الطالعة.” وأشار إلى أنه في السنين الماضية، رعرعت الجامعة الأميركية في بيروت عالمات بيولوجيات عظيمات في حقول متنوعة، مثل عالمة الوراثة العصبية المشهورة عالمياً هدى الزغبي، والباحثة الباهرة في استقلاب العظام غادة الحاج فليحان. وأضاف أن المتفوّقتين، الكيميائية نجاة صليبا وعالمة الوبائيات عبلة محيو السباعي، قد حصلتا على جائزة لوريال اليونسكو المرموقة للمرأة في العلوم في سنوات متتالية.
وأضاف، “مع الإقرار بالطريق الطويل الذي قطعناه، فيجب أن ندُرك أيضاً أن درباً شاقاً ينتظرنا قبل أن يتم تحقيق المساواة الحقيقية بين الجنسين في الجامعة الأميركية في بيروت، ويُحتفى بها.”
وتابع الدكتور خوري أنه لتحقيق هذه الغاية، وقبل ست سنوات، تم إنشاء أول فريق عمل رئاسي حول حياة النساء أعضاء هيئة التعليم ومسيرتهنّ المهنيّة. وأوضح، “لقد خلص التقرير الشامل للفريق إلى أنه قد تم إحراز الكثير من التقدم، ولكن لا تزال هناك حالات من عدم المساواة وتجري الآن متابعة توصياته من قبل لجنة دائمة الانعقاد.”
مسابقة يوم المؤسسين
وكعادتها في كل عام، أقامت الجامعة مسابقة طلابية لكتابة أفضل مقال ليوم المؤسسين. وهذا العام، كان الموضوع هو الإنجاز التاريخي لمئوية التعليم المُختلط في الجامعة الأميركية في بيروت، ومناقشة أكبر التحديات التي لا تزال النساء تواجهها اليوم، وتقديم أفكار حول ما يمكن أن تفعله الجامعة الأميركية في بيروت لمواجهة هذه التحديات والعمل من أجل مجتمعات أكثر شمولاً وعدلاً.
وخلال الاحتفال، أعلن رئيس الجامعة أسماء الفائزين الثلاثة في المسابقة، وحصلوا على جوائزهم. ريتا ماريا إبراهيم، الطالبة الجونيور في كلية الآداب والعلوم (أدب إنكليزي، مع تخصص فرعي بدراسات الجندر والكتابة الإبداعية)، فازت بالجائزة الأولى وقرأت مقالها في الاحتفال.
ومُنحت الجائزة الثانية إلى يالدا نيغاه، من أفغانستان، والتي انضمت إلى الجامعة الأميركية في بيروت كواحدة من متفوّقي الجامعة في برنامج المنح الدراسية للتعليم التحويلي للقيادة في الأزمات. وهي الآن في الفصل الدراسي الثالث لها في كلية الآداب والعلوم وتتخصص في الدراسات السياسية.
أما الجائزة الثالثة فنالها حسين موسى الطالب في مرحلة السينيور في كلية الآداب والعلوم، والمتخصص في الاقتصاد مع تخصص فرعي في الأدب العربي. وهو محرّر اللغة العربية الأول في “أوتلوك” صحيفة الطلاب في الجامعة الأميركية في بيروت، كما أنه احتل المرتبة الأولى في امتحانات البكالوريا اللبنانية من عامين، في قسم الاقتصاد والعلوم الاجتماعية.
الخطاب الرئيسي في الاحتفال
الخطاب الرئيسي تناول التميّز والاحتفال بالأمل وتكافؤ الفرص، وقد ألقته الشيخة ألطاف الصباح، الباحثة والمؤلفة والمحاضِرة في الثقافة المادية وفنون النسيج التقليدية في الكويت. وهي خريجة رائدة من الجامعة الأميركية في بيروت حيث حصلت على شهادتي البكالوريوس والماجستير في الأنثروبولوجيا في العامين ألف وتسعمئة وواحد وسبعين وألف وتسعمئة وخمسة وسبعين.
وقال الدكتور خوري مقدّماً الشيخة الصباح، “إنه لأمر مؤثّر بشكل خاص أن تكون معنا الشيخة الصباح، وهي باحثة بارزة، وبطلة ثقافية، ومؤلفة متميّزة، ومُناصرة، لتُلقي الخطاب الرئيسي في يوم المؤسسين هذا، حيث نحتفل بمئوية التعليم المختلط لدينا وبمئة عام من تمكين المرأة.”
والشيخة الصباح هي عضوة في المجلس الاستشاري الدولي للجامعة الأميركية في بيروت. وهي أيضًا الرئيسة الفخرية لبيت السدو، وهو مركز ثقافي ومتحف في قلب مدينة الكويت.
وفي خطابها، أوردت الشيخة الصباح بعضاً من تجارب حياتها وجهودها التي طبعت رحلتها للمعرفة والتعلم. كما تحدثت عن بعض الإنجازات التي حققتها المرأة في الجامعة الأميركية في بيروت وفي الكويت.
وقالت، “على الرغم من التحديات العديدة التي لا تزال تواجه العالم العربي، وتواجه النساء على وجه الخصوص، فإنني أرى إمكانية الإصلاح من خلال التعليم والأبحاث. وفي العديد من الدول العربية والخليجية، أصبحت دراسات المرأة جزءاً من أجندة بناء الدولة، حيث يستمر التعليم في المساهمة في بناء مجتمعات عادلة واشتمالية.”
وأردفت، “أعتقد فعلاً أن تدريس مادة دراسات المرأة هو أحد الدوافع الرئيسية للتغيير الاجتماعي في أي مجتمع،” موضحة سبب دعمها قبل أربعة أعوام لإنشاء كرسي ألطاف الصباح للأستاذ الزائر لدراسات المرأة والتنمية المجتمعية في كلية الآداب والعلوم في الجامعة الأميركية في بيروت. وأضافت أن هذا هو المكان الذي “يمكن فيه للسياق الأكاديمي الرفيع، والحوار المتنوع والمستنير، أن يعزّز المزيد من التغيير والتطوير.
وختمت كلامها برسالة إلى جميع الطلاب والطالبات في الجامعة الأميركية في بيروت، “أنتم في واحدة من أكثر المؤسسات التعليمية تميزاً في العالم العربي وخارجه، استفيدوا من هذه الفرصة العظيمة، ونمّوا قِيَمكم الإنسانية وقدراتكم إلى أقصاها، وحققوا إمكاناتكم الفكرية، واطمحوا إلى أن تكونوا مُلهَمين، وعلى حد تعبير المهاتما غاندي، كونوا التغيير الذي ترغبون في رؤيته في العالم.”