أعلن وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال النائب جورج بوشكيان أن”استهدافَ اسرائيل عدداً من مصانعنِا وتدميرَها يتمُّ عن سابق قصد وتصميم. فهي مؤسّسات انتاجية لا علاقة لها بمنشآت أو أهداف عسكرية، وإنما يستهدِفُها العدوّ لضربِ الاقتصاد اللبناني وتخفيفِ وطأةِ المنافسة مع منتجاتِه في الأسواق الخارجيّة. هكذا فعل في عدوان تموز عام 2006 حين ألحق الخسائر الفادحة بمؤسسات كانت تزوّد قوات الطوارىء الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) ومنظمات دولية غير حكومية بانتاجِها الجيّد المتمتّع بالمواصفات والمعايير.”
وكان بوشكيان مثّل لبنان في القمّة العربية الثالثة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ومؤتمر روّاد لريادة الأعمال في نسخته العاشرة، تحت شعار “آفاق العصر الرقمي” التي انعقدت في مركز الدوحة للمعارض والمؤتمرات في قطر برعاية رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية في دولة قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، وبتنظيم لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) وبنك قطر للتنمية.
وشاركت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذيّة للإسكوا رولا دشتي، وعدد من الوزراء والمسؤولين في المنظّمات الدولية غير الحكومية والصناديق والبرامج الاقتصادية والاجتماعية العربية وممثّلون عن القطاع الصناعي الخاص.
ويهدف الحدث إلى تسهيل تبادل المعرفة وأفضل الممارسات بين الشركات الصغيرة والمتوسطة لتحسين الفعالية والجودة، وتوفير المنصّات لاعتماد التكنولوجيات المتقدمة، وتمكين هذه المؤسسات عبر تطوير مهارات أصحابها وبناء قدراتهم، والدفع باتجاه وضع سياسات داعمة لنموها ونجاحها في قطاعاتها.
كما تشكّل القمّة منصّة لتوفير الفرص الاستثمارية وتعزيز سبل التواصل بين صانعي السياسات والخبراء على صعيد المنطقة.
بوشكيان
وفي ما يلي كلمة الوزير بوشكيان:”يسرّني أن أشارك وأُمثِّل لبنان في القمّة العربيّة للمشاريع الصغيرة والمتوسّطة ومؤتمر روّاد لريادة الأعمال الذي ينعقد بمبادرة من منظمة الاسكوا وبنك قطر للتنمية. أوجِّه تحيّاتي وشكري لدولة قطر، أميراً وحكومة وشعباً وزملاء في وزارة الصناعة، على الاستضافة الكريمة والاستقبال الأخوي والتنظيم الراقي والناجح. وقد عوَّدَنا الأشقّاءُ في قطر على حرصِهم ووقوفِهم على أدقِّ التفاصيل ليشعرَ كلٌّ منّا أنّه في بلدِه وبين أهلِه وأحبّائِه. كما أنوّه بمنظمة الاسكوا وجهود القيِّمين عليها، من أجل مواكبة عالمِنا العربي وقطاعاتِنا الصناعية والعمل على تطويرِها وتحديثِها.آتي اليكم من لبنان الجريح. لبنان الذي تحبّونَه، شعبُه يتألّم. يلفُّه الحزنُ والسواد والخوفُ والقلق على الحاضر والمستقبل. عدوان اسرائيلي متواصل ليل نهار على مختلف المناطق اللبنانية، مستهدِفاً الأبرياء والأطفال والنساء والشيوخ، مدمّراً المدن والقرى والأحياءَ والأبنية والمؤسسات الصناعية والانتاجية والتجارية والسياحية، غير آبهٍ بمواثيق وقوانين وأعراف دولية وديبلوماسية وانسانية تُحظِّرُ استخدامَ أسلحة فتّاكة ممنوعة تحرق الأخضرَ واليابس.أغتنم المناسبة لأُعربَ عن خالص شكر لبنان والحكومة ورئيسِها لجميع الذين ساعدوا بلدي في هذه المحنة التي طالت ولا تعرف نهاية. أخصُّ بالشكر دولة قطر التي لا يُخفى دورُها السياسي والديبلوماسي والانساني الداعم للبنان. ونأمل في لبنان أن تثمِر جهودُ قطر التي لا تستكين من أجل وقف الحرب واحلال السلام في الربوع اللبنانية. بالعودةِ إلى موضوع اجتماعِنا، يرتبط جزءٌ ممّا سبق وذكرتُه بمباحثاتِنا. إن استهدافَ اسرائيل عدداً من مصانعنِا وتدميرَها يتمُّ عن سابق قصد وتصميم. فهي مؤسّسات انتاجية لا علاقة لها بمنشآت أو أهداف عسكرية، وإنما يستهدِفُها العدوّ لضربِ الاقتصاد اللبناني وتخفيفِ وطأةِ المنافسة مع منتجاتِه في الأسواق الخارجيّة. هكذا فعل في عدوان تموز عام 2006 حين ألحق الخسائر الفادحة بمؤسسات كانت تزوّد قوات الطوارىء الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) ومنظمات دولية غير حكومية بانتاجِها الجيّد المتمتّع بالمواصفات والمعايير.الفواتير التي فُرضت على لبنان، البلد الصغير بحجمِه، باهظة جداً يعجز عن تسديدها، لأنّ مسلسل حوادث العنف لا ينتهي، كما أنّه يحمل الأعباء عن غيره من الشعوب والدول التي تَعِد بالكثير، وتفي بالقليل القليل. فقد بلغت كلفةُ النزوح السوري منذ العام 2011 أكثر من خمسة عشر مليار دولار. أمّا حرب اسرائيل الدائرة حالياً، فتُقَدّر الكلفة بالمليارات من الدولارات، مفضِّلاً عدم ذكرِ رقم، لأنَ الخسائر المادية ترتفع كلّ لحظة. في لبنان كما تعرفون، القطاع الخاص ديناميكي ومبادر ومحرّك أساسي ووحيد للصناعة، إذ أن الدولة والقطاع العام اللبناني لا تملك ولا تشارك في ملكية أو ادارة المصانع، باستثناء مؤسسة كهرباء لبنان. لكن ذلك لا يعني غياب الدولة كلّياً، فهي تشرف وترعى وتدعم وتساعد الصناعة والصناعيين. وتقوم وزارة الصناعة اللبنانية بهذا الدور إلى جانب تنسيقِها مع وزارات وادارات أخرى لحماية الانتاج الوطني من المنافسة غير الشرعية وزيادة قدراته الانتاجية والتنافسية وفتح أسواق خارجية جديدة أمام المنتج اللبناني. وإذا أردتُ الخوضَ أكثر بمناقشة عنوان مؤتمرِنا، يطغى طابعُ المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على نحو 80 بالماية إلى 90 بالماية على هيكليّة مؤسساتنا وبنيتِها، ويتلاءم هذا الحجمُ مع لبنان وتاريخه الاقتصادي والمصرفي والمالي والخدماتي منذ خمسينيات القرن الماضي. ومضت سنوات عديدة رغم المآسي المتكرّرة والحروب المتواصلة، لم تشهد فيها افلاسَ مؤسسات بشكلٍ مخيف، ومؤثّر سلباً على العمالة والوضع الاجتماعي .كان الصناعي اللبناني دوماً ولمّا يزل مثل طائرِ الفينيق، ينتفض من الرماد ويتجدّد. وهكذا حصل على مرِّ السنين. وإني أرى دليل عافية انتقال بعض رجال الأعمال الى الخارج وتأسيس مصانع لهم. المهم أنّهم بقوا مترسّخين ومتشبّثين بلبنان.
واضافة الى طابع مؤسساتنا، فهي تأخذ أيضاً الصفة العائلية، بحيث يتطلّب هذا الأمر مضاعفة الجهود والمثابرة والتحدي للمحافظة على الإرث العائلي. أجدّد الشكر والوعد بأنّ اللبنانيين كلُّهم أمل وعزيمة، وجاهزون لاعادة البناء والاعمار عندما تصبح الظروف مؤاتية وتتوقّف الحرب الغادرة. نحن مصمّمون على استعادة موقع لبنان منارةً للشرق، وصلةَ وصل وتقارب وتفاعل مع الغرب.”