“التوعية بشأن إساءة معاملة المسنين” نحو مجتمع يحترم ويحمي حقوق كبار السن
بقلم د : خالد السلامي
في الخامس عشر من يونيو، يحتفل العالم باليوم العالمي للتوعية بشأن إساءة معاملة المسنين، وهو يوم يسلط الضوء على حقوق المسنين والتحديات التي يواجهونها في مجتمعاتنا اليومية.
تعد إساءة معاملة المسنين ظاهرة متفشية عالمياً، حيث يتعرض العديد من الأشخاص المسنين لأشكال مختلفة من الإهمال، والعنف، والاستغلال، سواء في المنازل أو في المؤسسات الرعاية. تتراوح هذه الإساءات من الإهمال النفسي والجسدي إلى الاحتيال المالي والتجاهل الطبي، مما يؤثر سلباً على جودة حياتهم وينتهك حقوقهم الأساسية كأفراد محترمين في المجتمع.
يأتي اليوم العالمي للتوعية بشأن إساءة معاملة المسنين كفرصة للتفكير العميق في كيفية تحسين حياة المسنين وتعزيز الإجراءات القانونية والاجتماعية لحمايتهم. إن رفع الوعي بمشكلة إساءة معاملة المسنين يتطلب التعاون بين الحكومات والمجتمع المدني والمؤسسات الصحية لتعزيز الإجراءات الوقائية والتدخل الفعال في حالات الإساءة المكتشفة.
تتنوع إساءة معاملة الأشخاص الكبار في السن، وتشمل الإساءة البدنية والنفسية والجنسية والاستغلال المادي والتجاهل. النتائج قد تكون مدمرة، حيث تؤدي إلى تدهور صحة المسنين وزيادة خطر الوفاة المبكرة. لذا، من المهم جدًا زيادة الوعي حول هذه القضية وكيفية التعامل معها بشكل فعال.
إن الظلم الذي يتعرض له المسنون وكبار السن لا يتجلى في صورة واحدة، بل يأتي بأشكال متنوعة في مجتمعاتنا المتعددة الأوجه. ما يثير الألم والحزن هو أن هذه الإساءات لا تقتصر على الحياة العامة فحسب، بل تعتري الأوساط المنزلية والعملية ومؤسسات الرعاية والأماكن العامة ووسائل الإعلام والمساحة الرقمية وحتى في الأزمات والطوارئ. والأكثر من ذلك، يمكن أن يتورط العديد من الأطراف في هذا العنف، بما في ذلك أفراد الأسرة ومقدمو الرعاية والوصياء القانونيون والمتخصصون في الرعاية الصحية والموظفون الحكوميون والممثلون الماليون. وما يزيد الأمور سوءًا، أن هذه الأعمال القبيحة في كثير من الأحيان تظل غير مرئية ومحرمة في العديد من المجتمعات.
يعتقد البعض أنه ببساطة العيش تحت سقف واحد أو بالقرب من كبار السن يعد تقديماً للرعاية والخدمات اللازمة لهم. قد يكون البعض من هؤلاء غير مدركين لأن معاملتهم لكبار السن أقل بكثير من القيمة والاحترام، وقد تصل حتى إلى مرحلة الإهمال. كثير من الذين يتولون رعاية كبار السن لا يعينون ما يعتبر رعاية مناسبة وملائمة. قد يكون هناك ظروف صعبة قد دفعتهم لذلك مثل العقبات المالية، رغم حسن النوايا. وكذلك، قد يكون الفرد يرغب في تقديم الرعاية لكبار السن، ولكنه يعاني من مشاكل جسدية (كالإعاقة مثلا) تعيقه عن تقديم الرعاية الملائمة.
الإمارات تفخر بالتقدير والاحترام الذي تحمله لكبار السن، فهم يحتلون مكانة خاصة في قلوبنا ومجتمعاتنا. لكننا نعترف أيضًا بأن الإساءة والاستغلال المحتملين للمسنين هما تحديات حقيقية ويجب التصدي لهما بحزم.
في الإمارات، قد تم وضع سياسات وبرامج لحماية المسنين وضمان حقوقهم. الحكومة، بالشـراكة مع مؤسسات المجتمع المدني، تعمل بجد لتعزيز الفهم العام لقضايا كبار السن، وتقديم الدعم والرعاية اللازمة لهم.
ومع ذلك، فإن المزيد من العمل لا يزال ضروريًا. التعليم والتوعية حول حقوق الإنسان وكيفية الحفاظ على كرامة كبار السن من الأولويات الهامة. يجب أن نعمل جميعًا، كأفراد وكمجتمع، لضمان حماية كبار السن من أي نوع من أنواع الإساءة.
الإمارات تواجه هذه القضية بشكل جدي واستباقي. إن الالتزام القوي للبلاد بحماية حقوق الإنسان وحقوق كبار السن يمثل نموذجًا يُحتذى به. يتم تنفيذ مبادرات متعددة لتقديم الرعاية الصحية اللازمة، والدعم النفسي والاجتماعي لكبار السن.
وقد شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة نجاحاً باهراً في توفير الرعاية الأمثل لكبار السن. حيث لم تسجل الدولة أية حالات من الإساءة ضد كبار السن، وذلك يرجع إلى الإيمان العميق لدى الدولة، سواء القيادة أو الشعب، بالقيم الإنسانية للاحترام والتقدير والرعاية، بالإضافة إلى وجود منظومة قانونية تضمن حقوق جميع أفراد المجتمع، بما في ذلك كبار السن. وقد اتسمت الإمارات برؤيتها الرائدة في خدمات الرعاية والتنمية والتأهيل للمواطنين الأكبر سناً. حيث نجحت الدولة في الحفاظ على كبار السن من خلال منظومة من السياسات والبرامج وتبني المبادرات وبناء منشآت ومرافق تخدم هذه الفئة العزيزة.
وقد أولى الدين الإسلامي الاهتمام لكبار السن، معتبراً إياهم ركيزة أساسية في المجتمع. الإكرام والاحترام لكبار السن والسعي في تلبية احتياجاتهم يعتبر من السنن النبوية ومن شيم الصالحين. الشـريعة الإسلامية دعتنا إلى التعاطف والتراحم بين أفراد المجتمع والإسهام في نشـر القيم الأخلاقية. كبار السن هم بالنسبة لنا خير وبركة في حياتنا، وهم سبب في زيادة أرزاقنا وأعمارنا، وأن الظلم والإساءة المرتكبة ضدهم هي عبء قد يعود على فاعلها. لذا، من الضروري أن نحترم كبار السن ونجلهم ونكرمهم، ونحسن الخطاب معهم، ونتعامل معهم بما يظهر الاحترام والتقدير.
هذه هي القيم التي نسعى إلى تحقيقها في اليوم العالمي للتوعية بشأن إساءة معاملة المسنين. هو يوم للتوقف والتفكير في كيفية تعاملنا مع كبار السن، والبحث عن طرق لتحسين جودة حياتهم وحمايتهم من أي إساءة أو ظلم.
في هذا اليوم العالمي للتوعية بشأن إساءة معاملة المسنين، دعونا نجدد التزامنا بحماية كبار السن في مجتمعنا. كل شخص يستحق الاحترام والكرامة في كل مرحلة من مراحل حياته، وكبار السن ليسوا استثناءً. لنعمل معًا لضمان أن يتمتع كبار السن بالحياة الآمنة والمريحة التي يستحقونها
المستشار الدكتور خالد السلامي – سفير السلام والنوايا الحسنة وسفير التنمية ورئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة ورئيس مجلس ذوي الهمم والإعاقة الدولي في فرسان السلام وعضو مجلس التطوع الدولي وأفضل القادة الاجتماعيين في العالم لسنة 2021 وحاصل على جائزة الشخصيه المؤثره لعام 2023 فئة دعم أصحاب الهمم وحاصل على افضل الشخصيات تأثيرا في الوطن العربي 2023 وعضو اتحاد الوطن العربي الدولي.