نظّمت الهيئة الوطنيّة لشؤون المرأة اللبنانيّة بدعم من هيئة الأمم المتّحدة للمرأة UN Women، طاولة مستديرة مع ممثلات وممثلين عن الأحزاب السياسية في قطاعي المرأة والشؤون الانتخابية، حول “تعزيز مشاركة المرأة في السياسة والشأن العام ودورها في الإنتخابات”.
شارك في اللقاء السيدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، والسيدة رايتشل دور-ويكس رئيسة مكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان، والسيدة منى الصلح نائبة رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، والكاتبة العدل رندة عبود أمينة سر الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، والوزيرة السابقة د. غادة شريم رئيسة لجنة مشاركة المرأة في صنع القرار السياسي في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، وأعضاء الهيئة الوطنية.
يأتي هذا اللقاء متابعةً لأعمال اللجنة الوطنية التنسيقية حول “المرأة في السياسة والشأن العام” في إطار تنفيذ خطة العمل الوطنية لقرار مجلس الامن ١٣٢٥ حول المرأة والأمن والسلام التي اقرّتها الحكومة اللبنانية، ويهدف إلى زيادة مشاركة المرأة في الهيئات التمثيلية على الصعيد الوطني والمحلي وفي المناصب القيادة في القطاعات العامة والسياسية وعلى المستويين المحلي والوطني.
افتتح اللقاء بكلمة للسيدة عون قالت فيها: ” نعيش في لبنان مفارقة تعبّر في حدّ ذاتها عن الشرخ القائم بين الوضع المجتمعي والواقع السياسي في البلد. فالنساء في لبنان حاضرات في كافة المجالات الإقتصادية والثقافية والعلمية، ونسبهنّ في القضاء وفي البعض من المهن الحرّة تقارب أو تزيد عن ال 50 بالمئة، ومع ذلك لا تزيد نسبة تمثيلهن في مجلس النواب الحالي عن 4,7 بالمئة وفي المجالس البلدية عن 6 بالمئة وفي الحكومة عن 4 %. ليس النقص في المهارات وفي القدرة على القيادة الذي يعيق حضور المرأة في مواقع التمثيل السياسي وصنع القرار. فالنساء في لبنان لا تقلّ علماً وقدرة من الرّجال. وليست الرغبة في التعاطي بالشأن العام هي الغائبة لديهنّ. فقد دلّت المشاركة الواسعة للنساء في التحرّكات الإحتجاجية في خريف العام 2019، على أنهنّ مهتمات بقضايا الشأن العام بالقدر نفسه المتوفّر لدى الرجال. ما يعيقهنّ في الواقع للوصول إلى مراكز القرار في الهيئات التمثيلية وفي الحكومة، هو مجموعة من الأسباب ترتبط بالثقافة السياسية السائدة في البلد أكثر ممّا ترتبط بأسباب خاصة بالنساء”.
وأضافت: “من مرتكزات هذه الثقافة، النظرة إلى التمثيل السياسي وإلى تبوء مراكز القيادة في الشأن العام، على أنهما يشكّلان أولاً منصّة للإرتقاء إلى موقع الزعامة، وليستا إلاّ ثانوياًّ، مجالات عمل للمصلحة العامة تستوجب العلم والخبرة للتوصّل إلى الحلول. والزعامة ملازمة في مفهومها التقليدي السائد للسلطة والمماراسات الموروثة، تجعل مفهوم السلطة بحدّ ذاته أقرب ما يكون عندنا، إلى مفهوم التسلّط أو التحكّم بقرار الأخر. وفي نظام إجتماعي يتميّز تقليدياًّ بسمات النظام الأبوي، وبتحديد الأدوار بين الجنسين، لا تكون الزعامة ولا السلطة إلا للذكور، وتغذو مستهجنةً محاولات قلّة من النساء تبوء مراكز يُنظر إليها على أنها تعود إلى الرجال في قيادة الجماعة. علماً أن غالباً ما تتوزّع الجماعات في النظام المعمول به في لبنان، حسب الطوائف الدينية وعلماً أن الهيكلية الهرمية لهذة الطوائف هي هيكلية أبوية بامتياز”.
وأكّدت أنّ: “المسألة حسب التحليل الذي توصّلنا إليه، تتعلّق إذاً بالثقافة السياسية السائدة، لكن هذه الثقافة ليست أزلية وليست جامدة بل هي متحوّرة وقابلة للتغيير، تتأثر بتبدّل المعطيات في أنماط الحياة كما في الممارسات والتشريعات. لذا للنساء أن يَعين أنهنّ قادرات على تطوير هذه الثقافة، ولهذه الغاية للنساء أن يعملن من خلال ممارستهن ومن خلال المجموعات التي ينتمين إليها، على الإقدام لكسر قوالب الأدوار النمطية التي تحصرهنّ فيها التقاليد السياسية السائدة. عليهن التحلّي بالشجاعة وفرض أنفسهنّ كمرشحات ضمن بيئتهن الاجتماعية والسياسية لخوض المعارك الانتخابية. ولا بدّ أيضاً من العمل على خلق بيئة تشريعية مشجعة لمشاركة النساء في العملية الانتخابية. لهذه الغاية وبهدف تصحيح الخلل الواضح في تمثيل النساء في البرلمان وفي المجالس البلدية، أعدّت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية نصّاً تعديلياًّ لقانون الإنتخابات النيابية، تمّ تقديمه كإقتراح قانون إلى المجلس النيابي لتضمين قانون الإنتخابات كوتا نسائية. وهي تعمل حالياًّ على إعداد نصّ آخر لإدخال الكوتا النسائية في قانون الإنتخابات البلدية”.
وأشارت إلى أنّه: “عندما قامت الهيئة الوطنية بجولة في الخريف الماضي، على السّادة رؤساء الكتل النيابية لتقديم اقتراحها لاعتماد الكوتا النسائية، لم تلاقِ من جانبهم إلاّ الترحيب. ومع ذلك تمّ استبعاد مناقشة موضوع الكوتا النسائية في الجلسات التالية للبرلمان. اليوم يسرّنا أن نلتقي مع حضراتكم ممثلات وممثلين لأحزابكم الكريمة، في قطاعي المرأة والشؤون الانتخابية، للتباحث أوّلاً في الأسباب الحقيقية التي تحول دون مشاركة النساء بنسب أكبر في اتخاذ القرار داخل الحزب، على الرغم من أن أعدادهنّ في الإنتساب ليس بقليل في شتّى الأحزاب. نودّ البحث ثانياً في الأسباب التي تكبح عدم إقدام الأحزاب على تبني الكوتا النسائية في قانون الانتخابات، ونودُّ ثالثاً مناقشة سبل إقناع القيادات الحزبية على المبادرة إلى ترشيح المزيد من السيّدات على لوائحها الإنتخابية”.
وتابعت: “لقد أثبتت التجارب الإنتخابية السابقة أن الناخبين في لبنان لا يتمنّعون عن انتخاب المرشحات عندما ترد أسماؤهنّ على اللوائح الحزبية. فالخيارات تتمّ على أساس الإنتماء السياسي للمرشحين كما للمرشحات، وليس على أساس الجنس. وتجدر الإشارة إلى أن قانون الإنتخابات النيابية الحالي، يعطي الفرص الأكبر للفوز للمرشيحن المدعومين من الأحزاب. لذا نعتبر أن دوركم أساسي في حمل الأحزاب التي تنتمون إليها إلى تبني قضايا المرأة والإقتناع بضرورة مشاركتها في العمل السياسي والإقدام على اعتماد سياسة واضحة في زيادة ترشيح النساء”.
وختمت: “أتمنّى لكم ولكنّ كل النجاح في العمل الذي تقومون به داخل أحزابكم وعلى الصعيد الوطني، وأتوجّه بالشكر لهيئة الأمم المتحدة للمرأة على مشاركتها في تنظيم هذا اللقاء وعلى الدعم الذي تقدّمه لنشاطات الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وأتمنّى لكم جلسة مثمرة”.
وتطرّقت السيّدة دور ويكس في كلمتها إلى الدور المهم الذي تلعبه الأحزاب السياسية في معالجة قضايا العجز الديمقراطي والتمثيل السياسي للمرأة في لبنان وأهمية تمثيل المرأة لجهة تحقيق مكاسب ملموسة في الحياة الديمقراطية. وعددّت العوائق التي تمنع المرأة من المشاركة في السياسة ومن بينها الصور النمطية الضارة القائمة على النوع الاجتماعي والتي تعتبر أن النساء أقل شرعية وقدرة على القيادة من الرجال. وقالت: “من هنا فإن العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد المرأة في السياسة أحد أخطر التحديات التي تواجه حقوق المرأة السياسية اليوم. فغالبًا ما يتم استهداف المرشحات والسياسيات بسبب هويتهن كنساء أو التحرش بهنّ عبر تعليقات جنسية أو اتهامهن بشوائب جنسية وأخلاقية.
ومن بين المعوقات النظام الانتخابي الحالي الذي يجعل من الصعب على النساء والرجال التنافس على قدم المساواة ويرتبط ذلك بامتناع الأحزاب السياسية عن إدراج النساء كمرشحات، خوفاً من أن لا تحظى النساء بعدد أصوات مثل الرجال. وأكثر الوسائل فعالية لمعالجة هذه النواقص هي تطبيق التدابير الخاصة المؤقتة، واعتماد نظام الكوتا الذي أثبت جدواه لإعادة معالجة تأثير االتمييز بين الجنسين في السياسة بسرعة وفعالية.“
وختمت: “بما أنّ الكوتا النسائية لن يتمّ اعتمادها قبل الانتخابات المقبلة لذلك نحن بحاجة إلى إيجاد طرق عملية وواقعية للقيام بذلك من خلال دعم الأحزاب السياسية لترشيح النساء وحشد التأييد لهنّ.”
بعدها عرضت الوزيرة السابقة د. غادة شريم رئيسة لجنة مشاركة المرأة في صنع القرار السياسي في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية أهمية وجود المرأة في السياسة ومراكز صنع القرار والقيمة المضافة لها وأدارت نقاشاً حول هذا الموضوع، وتحت عنوان “مدخل إلى موضوع اعتماد كوتا نسائية” قدمت الكاتبة العدل رندة عبود أمينة سر الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية عرضاً موجزاً وأدارت نقاشاً بين الأحزاب تطرق إلى القرارت والاجراءات المعتمدة من جانبها لتعزيز ترشّح المرأة للإنتخابات النيابية والبلدية ومشاركتها في أعمال إدارة الانتخابات وأنشطة الحزب. كما قدّم المدرب على التواصل والصحافة البناءة السيّد ميلاد حدشيتي، عرضاً حول الاعلام والمرأة في السياسة والشأن العام واختتم اللقاء بوضع خريطة عمل مستقبلية.