برعاية وحضور رئيس مجلس الوزراء الأستاذ نجيب ميقاتي، وبدعوة من السيّدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنيّة لشؤون المرأة اللبنانيّة، عقدت اللجنة التسييريّة الوطنيّة لتنفيذ خطّة العمل الوطنيّة لقرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن اجتماعها الثاني في السراي الحكومي.
شارك في الاجتماع السيدة يوانا فرونيسكا المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان ونائب رئيس الحكومة سعاده الشامي ووزراء: الدفاع العميد موريس سليم، التربية عباس الحلبي، المال يوسف خليل، الزراعة عباس الحاج حسن، الاقتصاد أمين سلام، الشباب والرياضة جورج كلاس، السياحة وليد نصار، وعدد من رئيسات وممثلات وممثلي وكالات الأمم المتحدة في لبنان ومن المدراء العامين للوزارات والإدارات العامّة وأعضاء الهيئة الوطنيّة لشؤون المرأة اللبنانيّة والأعضاء المنتدبين من الوزارات والإدارات الرسمية المعنية المتمثّلة في اللجنة التسييريّة لتنفيذ القرار 1325.
ورمى هذا الاجتماع إلى استعراض المرحلة السابقة من تنفيذ خطّة العمل الوطنيّة لتطبيق قرار مجلس الأمن 1325 وتحديد الأولويات واعتماد برنامج العمل لغاية نهاية العام 2022.
افتتح اللقاء بكلمة للسيدة عون قالت فيها: “لحضوركم اليوم معانٍ كثيرة. هو أبعد من تلبية دعوةٍ لحضور أَعمال لجنةٍ تسييريةٍ لتنفيذ خطّةٍ وطنيةٍ لتطبيق قرار مجلس الأمن ١٣٢٥. إِن حضوركم هو اعتراف وفعل إيمانٍ بدور المرأة الراسخ في صنع السلام ووضع السياسات والمشاركة الفعليّة والناجزة وغير المنقوصة في إدارة شؤون الدولة.”
وأضافت: “إن الحقوق لم تكن يوماً منحةً أو منّة أو هديّة. هي تولد مع الانسان وتلازمه ولا تموت بموته. وهكذا حقوق المرأة، فلْ خانتها أو تحايلت عليها بعْض القوانين والنظم المحليَة، فإِنّ المواثيق الدوليّة تصونها وتعترف وتضمن حقوقها. وجميعنا يعْلم أنَّه في مجتمعنا سوْف يأتي يوْم، هو لم يعد ببعيد، تكون فيه المرأة، شريكةً حقيقيّةً في المواطنة وفي القرار. فلم لا يكون هذا اليوم غداً. لماذا تكون دائماً كلّ الإستحقاقات مؤجلة. لماذا لا نمتلك جرْأة القرار وشجاعة الموقف. لماذا لا ننطلق مِن فلْسفة وروحيّة ونصّ دستورنا اللبناني، الذي أقرَّ بالمساواة بين اللبنانيين، كلّ اللبنانيين. وإذا الدستور وضع المعيار ولم يميّزْ، فلماذا التمييز في بعض القوانين وفي الممارسة وفي الذهنِيَة.
أَيْن تلْك المساواة اليوم وأَين الحقوق.
أينَ المُساواة في المشاركة الفعلية في المجالِسِ والهيئاتِ والمحاكم والصناديق وبرامج المساعدات. أَيْن المساواة في التمثيل وفي المشاركة وفي صنع القرار وفي القوانين.”
وتابعت: “لماذا الكلام دائماً عن المرأة بصيغة الغائب. علماً أنَها ليست غائبةً عن هموم الوطن وانشغالاته وقضاياه. هي مغيّبة بفعل فاعل أراد تغييبها أو بغير قصد، فكانت النتيجة نفسها بكلّ الأَحوال: مساحات ضيّقة للمرأَة في التَعبير عن ذاتها، تمييز مستمرّ على كلّ المستويات وفي مخْتلف الميادين.
فلماذا تضيق بنا أَوطاننا. ولماذا لا نرفع سقف المواطنة حيْث يتساوى الأَفراد بغضِ النظر عن جنسهم وعرقهم ودينهم، فنرتفع نحن أَيضاً إلى مصافي الأَوطان التي تحتضن وترعى جميع بناتها وأَبنائها بعدل ومساواة.
دعونا وندعو إلى جلسات واجتماعات وورش عمل ومحاضرات وحلقات تثقيفيّة، ونحن نعلم وأنتم تعلمون، أنَ الموضوع ليس بهذا التعقيد. فكم من جلسة نحتاج بعد. كم من حلقة نقاش. كم من مؤتمر. والجواب واحد: فلنتساوى.
نطرح مشاريع القوانين واقتراحات القوانين والتعديلات، ونبحث عن الاجتهادات. والجواب واحد: فلنتساوى.
نخلقُ مجموعات ضغط ونطرق الأبواب ونطلب المواعيد تلو المواعيد. والجواب واحد: فلنتساوى.
لنتساوى كي يكون المستقبل ممْكناً في دولةٍ عصريّةٍ تشْبه طموحات بناتها وأبنائها.
لنتساوى كي يكون النهوض بالوطن متاحاً.
لنتساوى، فالأوطان تحتاج لأولادها كافّةً كي تقوم وتزدهر.
لنتساوى، لا لنشبه بعضنا بل لنتمايز ونحترم اختلافاتنا وننظم خلافاتنا.
لنجلس معاً ونفكِر سويّاً ببناء الوطن الذي نطمح اليه والذي حلمنا به والذي نستحقّ. وطن يؤمّن تكافؤ الفرص ويؤمنّ العدالة الاجتماعيّة والحريّات الفرديّة والجماعيّة.”
وقالت: “أمّا والواقع هو ما هو، فسنمضي في تنفيذ خطّة العمل الوطنية لتطبيق قرار مجلس الأمن ١٣٢٥ حول المرأة والسلام والأمن، بحيث تقررُ المرأة أيّ مستقبل تريد لنفسها عبر الجلوس إلى طاولة الحوار والمفاوضات والتعبير عن الألويّات التي تطمح إليها. ما سوف يخلق الأرضيّة الصّحيحة للوصول إلى التمثيل المحلّي والسياسي العادل، بحيْث تلعب المرأَة دوْرها القيادي في بناء أسس الدولة الحديثة وفي بناء السلام وفي استعادة دور لبنان الرائد في منطقته والعالم،. وها نحن اليوم في السراي الحكومي، نناقش خلال هذا الاجتماع الثاني للَّجنة التسييريّة حول تنفيذ القرار ١٣٢٥، الأولويّات والتحديّات لاستكمال تنفيذ الخطَّة الوطنية الأولى، تمهيداً لوضْع الخطّة الوطنيّة الثانية مستقبلاً، إذ أننا قطعنا شوطاً كبيراً في تنفيذ الخطّة الحاليّة، على الرَّغمِ من كلّ الظروف التي عصفت بلبنان.”
وأكدت: “إنَّ نجاح عملنا يتوقّف على تضافر جهودنا جميعاً، بعيداً عن الحسابات الضيّقة، فلا تكون الحسابات حيْث تكون المبادئ، ونحن جميعنا مؤمنون بالتشاركيّة والإِنصاف والمساواة.
إنَّ تضافر الجهود يعني السير قدماً وبجرأةٍ في التصويت على القوانين التي من شأنها إزالة التمييز ضدّ المرأة وحمايتها من العنف بأشكاله كافّة، كما وتطوير القوانين التي لم تعدْ تواكب التطوّر الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي الذي طرأ على المجتمع.
ما أودّ الإشارة له هنا، هو أنّه في زحمة القوانين والمشاريع، ننسى أن القوانين تتأخّر أحياناً عن الاعتراف بحقوقٍ طبيعية ملازمة للإنسان، فبعض الحقوق تسْبق التشريع، وهو غالباً ما يحدث في البلدان حيث الشعوب تسبق دولها إلى لقاء غدها.
المطلوب اليوم الالتصاق بمطالب اللبنانيّات واللبنانيين وتبنّيها للخروج من الأْزمة الثقافيّة العميقة التي تهددّ هويّة لبنان.”
وأضافت: “إنَّ الظُروف التي تمرّ بها البلاد استثنائية، ولذا تحتاج إلى إرادة وعزم استثنائيّين وإلى المبادرات الشجاعة لتخطّي الصعوبات والعوائق سيّما الاقتصاديّة منها. إنّما لا يمكن لتلك العوائق الاقتصاديّة أن تكون عائقاً أمام إقرار المبدأ. والمبدأ هو أنّه لا فرق بين الأمّ اللبنانيّة والأب اللبناني في حقّ نقل هويّتهم إلى أولادهم، ولا فرق بين الرجل المنْتسب إلى الضمان الاجتماعي والذي يحقّ له أن يضمن زوجته إذا كانت لا تعمل، والمرأة المنتسبة إلى الضمان المحرومة من هذا الحقّ لصالح زوجها، لا فرق بين المرأة والرجل أمام المحاكم الدينيّة،
لا فرق بين المرأة والرجل.
إن المرأة لا تكمّل أحداً. هي خلقت لتكون.”
وختمت: “أشكر منظمة الأمم المتحدة على دعمها الدائم للهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية ممثَّلة بالسيدة يوانا فرونيسكا المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، كما أشكر جميع وكالات الأمم المتحدة العاملة في لبنان، بالأخصّ هيئة الأمم المتحدة للمرأة، لدعمها الهيئة في تنسيق وتنفيذ الخطة، التي سبق للهيئة أن أعدَّتها بالتعاون مع شركائها في القطاعين الرّسمي والمدني، تلبيةً لحاجات المجتمع اللبناني.
في الختام دولة الرئيس، أشكر رعايتكم لهذا الحفل، وأنا أَعلم كم تولون من اهتمامٍ لقضايا مناصرة المرأة عبر متابعتكم الحثيثة لكافّة الشؤون الحياتية للمواطنات والمواطنين، كي يبقى سقف لبنان هو سقف حقوق الانسان، كلّ إنسان.”
بعدها ألقت السيدة فرونيسكا كلمة قالت فيها: “إن الأمم المتحدة رحبت بتقديم خطة العمل حول المرأة والسلام والأمن، وهي تشجع حكومة لبنان على الإستمرار بتطبيقها لضمان المشاركة الفعالة والمتساوية للمرأة في اتخاذ القرار للحفاظ على الأمن والازدهار ولتفادي اي نوع من التمييز القائم على النوع الاجتماعي”.
وعرضت للخطة التي يتضمنها القرار، ورأت انها “رسمت بطريقة محددة ضمن عملية شاملة والمفتاح الأساسي في فعاليتها هو تطبيقها الصحيح”. واشادت بـ”الجهود التي بذلها الجيش اللبناني لتطويع المزيد من النساء في صفوفه”، وقالت: “نحن بحاجة لمزيد من الجهود في هذا الشأن، وآن الأوان لتطبيق هذه الخطة، عليكم تحويل الخطوات الى افعال وأرجو في العام 2022 رؤية المزيد من النساء في الحياة السياسية في لبنان عن طريق الانتخابات، وأن أمين عام الامم المتحدة في تقريره بشأن تنفيذ القرار 1325 تحدث عن أهمية تسريع مشاركة المرأة في العملية السياسية وعبر عن أمله ان تمنح الانتخابات النيابية المقبلة فرصة للنساء لزيادة تمثيلهن في البرلمان، فلنعمل سويا لتحقيق هذه الاجندة وتطوير واعتماد الخطة الوطنية”.
وختمت: ” فيما يتبع لبنان مساره في قطاعات متعددة للاصلاح واعادة الهيكلة، يحتاج البلد إلى كافة الأدوات والقدرات كي يشارك الجميع بالفعل في مضيه على طريق السلام والامن والاستقرار”.
بعدها ألقى راعي اللقاء الرئيس ميقاتي كلمة قال فيها: “يسعدني أن نلتقي اليوم هنا في السرايا الحكومية، لعرض ومناقشة ما تحقق على صعيد الخطة الوطنية لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن. ولا بد لي بداية من أن أعرب عن تقديري لعمل الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية برئاسة السيدة كلودين عون، التي تتابع وضع الخطة موضع التنفيذ وتشرف على تنسيق عمل كل الأطراف المعنية باتمام الخطوات التنفيذية المطلوبة. ونحن في هذه المناسبة نعول على الدور الإستشاري الذي تضطلع به الهيئة لدى رئاسة الحكومة، في كل ما يتعلق بتعزيز أوضاع المرأة. كما أتوجه بالشكر إلى السيدة فرونتسكا وجميع ممثلي منظمة الامم المتحدة في لبنان وإلى وكالاتها على دعمهم المستمر للبنان، وتعاونهم الدؤوب مع الحكومة للنهوض بالوطن وإنقاذه مما يتخبط فيه، ومساعدتها في الوفاء بإلتزاماتها الدولية ومنها تطبيق هذه الخطة”.
وقال: “إن لبنان، الذي كان من أوائل الدول التي أعطت المرأة حقوقها، اعتمد خطة عمل وطنية لتطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 1325 الذي أكد ،استنادا إلى نصوص القانون الدولي، ضرورة العمل لزيادة مشاركة النساء في كل مستويات الحوكمة وفي القوى الأمنية والدفاعية، وركز بشكل خاص على دور المرأة في إرساء الامن والسلام عبر مشاركتها في المفاوضات وعمليات حفظ السلام. وقد رمت خطة العمل المعتمدة في لبنان لتنفيذ هذا القرار الدولي في مرحلة أولى، إلى تحقيق خمسة أهداف إستراتيجية هي: زيادة مشاركة المرأة في صنع القرار على كل المستويات، ومشاركتها في منع نشوب النزاعات، ووقاية النساء والفتيات وحمايتهم من العنف، وتلبية إحتياجاتهن في جهود الإغاثة والإنعاش والعمل على تعديل التشريعات والسياسات لمنع التمييز ضد النساء. وعلى الرغم من صعوبة المرحلة التي يمر بها بلدنا، ها نحن هنا اليوم لمراجعة ما تم إنجازه في اطار المرحلة الأولى من تنفيذ الخطة، وتحديد المواضيع التي لها الأولوية في العام المقبل. وفي هذه المناسبة، فانني أدعو الوزارات والإدارات المعنية إلى بذل كل الجهود لضمان تنفيذ لبنان لخطة العمل الوطنية للقرار الأممي، وإلى تقديم كل الدعم للجهود التي تقوم بها الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية لتعزيز موقع المرأة في المجتمع اللبناني”.
أضاف: “المرأة بالنسبة لي هي الام والزوجة والاخت والجدة، بكل ما تحمل من حنان ومحبة ووعطاء من دون مقابل، وانها المرأة المناضلة والمقاومة والصامدة التي اختبرت كيف تكون الشهادة من اجل الحق والكرامة والسيادة. ويؤسفني أن البعض فسر كلامي الاخير عن المرأة خارج السياق الذي قصدته، لأنني أكن كل التقدير للمرأة مهما كان وضعها الاجتماعي أو وضع الرجل، وأن ما قلته كان تشبيها سياسيا بحتا، ينطبق على المراة، كما الرجل وليس انتقاصا من دور المرأة”.
وتابع: “صحيح أن العمل الحكومي مستمر عبر الاجتماعات الوزارية التي نعقدها، أو عبر الوزارات والادارات المختصة، لكن عدم انعقاد مجلس الوزراء يشكل ثغرة أساسية نعمل على معالجتها بهدوء وروية، لجمع الشمل الحكومي من جديد، بعيدا عن الخطوات المجتزأة، لأن الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء، في الظروف الحالية المتشنجة، ومن دون تأمين الحد الادنى من التفاهم ستكون كمن يؤجج الخلاف، ما يؤدي الى تفاقم الامور وتصبح اكثر تعقيدا”.
وقال الرئيس ميقاتي: “لم يعد الوقت مناسبا للتعطيل او المكابرة او فرض الشروط والشروط المضادة فيما مستويات الانهيار تتطلب تضافر كل الجهود للمعالجة. المطلوب من الجميع التخلي عن اعتبار الحكومة متراسا للكباش السياسي الذي لا طائل منه. أمامنا الكثير من العمل المطلوب، وبشكل اساس لاستكمال انجاز خطوات الانقاذ المطلوبة، بقرارات يتخذها مجلس الوزراء مجتمعا، إضافة الى قرارات ادارية ملحة لتسيير عجلة الادارة، ولو بالحد الادنى الممكن، ومساعدة الموظفين على مواجهة الضغوط المعيشية والاجتماعية التي ترهقهم”.
وتابع: “في هذه المناسبة ايضا التي نوجه فيها رسالة بأن لبنان عازم على المضي في العمل على تطبيق كل التزاماته الدولية وتقيده بالشرعية الدولية، لا بد ايضا من التأكيد مجددا تمسك لبنان بعمقه العربي وبعلاقته الوطيدة بالدول العربية الشقيقة ولا سيما دول الخليج العربي. واستطرادا فان لبنان، المتمسك بحرية التعبير والقول، لن يكون منبرا ومعبرا للاساءة الى اي دولة عربية او التدخل في شؤونها. اما المزايدات في هذا الاطار فلا يمكنها ان تحجب الحقيقة وهي ان العمق العربي للبنان يشكل بالدرجة الاولى المتنفس الحقيقي والمدخل للخروج من الازمات التي بمر بها”.
بعدها استعرضت الآنسة ريتا راشد سلامة منسقة تطوير المشاريع في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية المرحلة السابقة من تنفيذ خطة العمل الوطنية لتطبيق قرار مجلس الأمن 1325 وتحديد الأولويات واعتماد برنامج العمل لغاية نهاية العام 2022.