: يشهد قطاع تطوير التطبيقات الفائقة في الشرق الأوسط وإفريقيا تناميًا متسارعًا، حيث تشكل المنطقة أرضًا خصبة محتملة لنمو هذه التطبيقات واستخداماتها، بدءًا بخدمات النقل التشاركي، مرورًا بخدمات توصيل البقالة، والخدمات المالية مثل خدمة “اشترِ الآن وادفع لاحقًا”، وصولًا إلى التمويل الأصغر.
وتتناول دراسة حديثة أعدتها إيكونوميست إمباكت بتكليف من شركة ماستركارد الشرق الأوسط وإفريقيا بعنوان “من مجرد سوق على الإنترنت إلى متجر شامل: صعود التطبيقات الفائقة في الشرق الأوسط وإفريقيا“، كيفية مساهمة النمو السكاني وارتفاع مستويات الوصول الرقمي، وتنامي قدرات الاتصال، والتنوع الديموغرافي، وزيادة الثقة ومعقولية التكاليف، في التقدم السريع للتطبيقات الفائقة في المنطقة.
وتتيح هذه الدراسة للمهتمين القدرة على فهم تنامي ظاهرة التطبيقات الفائقة بشكل أفضل، وكيفية انتشارها واتساع نطاقها في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، والعوامل التي تساهم في تنامي انتشارها أو إعاقته. وتستند الدراسة التي تغطي أعراف وعادات المستهلكين والسياسات المتبعة، إلى مقابلات شاملة وواسعة النطاق مع خبراء متخصصين وأصحاب مصلحة إقليميين*.
كما تحدد الدراسة أوجه التشابه بين المنظومات التي أدت إلى النمو السريع لتطبيقات فائقة مثل WeChat أو Meituan أو AliPay في الصين قبل عقد من الزمان، وبين العوامل الموجودة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا في الوقت الراهن، حيث يشير نموذج التطبيقات الفائقة إلى إمكانات واعدة. ويسعى اللاعبون الناشئون في هذا المجال إلى محاكاة المفهوم الذي نشأ في الصين لبناء قصص نجاح إقليمية خاصة بهم.
وفي حين بدأت التطبيقات متعددة الوظائف بالانتشار في آسيا قبل فترة من الوقت، إلا أن وتيرة انتشارها في أماكن أخرى من العالم كانت أبطأ. واستخدم المستهلكون في الأسواق الغربية وأسواق الشرق الأوسط وإفريقيا تطبيقات مختلفة للمراسلة، وتقييم خدمات سيارات النقل المشترك، وطلب الطعام، والدفع لقاء مشترياتهم، إلا أن شركات مثل سبوتيفاي وأوبر وريفيلوت قامت في الآونة الأخيرة بتجميع المزيد من الميزات في تطبيقاتها.
وفي تعليقه على الدراسة، قال نجوزي ميغوا، نائب الرئيس الأول للشراكات الرقمية في ماستركارد الشرق الأوسط وإفريقيا: “من المتوقع أن تصبح منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا المنطقة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العالم، حيث تشير التقديرات إلى أن عدد سكان هذه المنطقة سيصل إلى 3.4 مليار نسمة بحلول عام 2050، الأمر الذي يعني أن هذه السوق الكبيرة ستوفر ثروة هائلة من بيانات العملاء، مما يتيح للاعبين الإقليميين الاستفادة منها لإضافة قيمة لجميع أصحاب المصلحة. ويمكن لماستركارد من خلال نهجها القائم إعطاء الأولوية للتحول الرقمي، أن تكون مزود التكنولوجيا الوحيد القادر على ربط لاعبين متنوعين مثل شركات الاتصالات، وشركات تجارة التجزئة على الإنترنت، وشركات التكنولوجيا المالية، لتتحول إلى تطبيقات فائقة، وذلك عبر توفيرها حلول تقنية ومنصات ومقترحات تتيح تجربة رقمية فائقة”.
هذا وأشارت الدراسة إلى النقاط التالية بصفتها عوامل تتيح نمو التطبيقات الفائقة بشكل سريع في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا:
- تنتشر التطبيقات الفائقة النشطة محليًا في مختلف أرجاء منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، إلا أن عدد اللاعبين الأكبر حجمًا لا يزال قليلًا في هذه المنطقة.
- تصدرت شركات مثل أوبر، كرائدة محلية في مجال التطبيقات الفائقة، وقامت بتوسيع مجال خدماتها من النقل، إلى توصيل طلبات المطاعم. كما أدخلت شركة “إم تي إن” خدمات دفع الأموال عبر الهاتف المحمول من شخص إلى آخر على تطبيق “أيوبا“. وتشير قيمة صفقات الاستحواذ على التطبيقات الإقليمية، والتي تتراوح من 500 مليون دولار أمريكي لتطبيق “iFood” إلى أكثر من 3 مليارات دولار أمريكي لتطبيق “كريم”، إلى أن سوق هذه التطبيقات في المنطقة ينطوي على قيمة كبيرة.
- يجعل انتشار الهواتف المحمولة متدنية الجودة، وارتفاع تكاليف الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، من التطبيقات الفائقة منتجًا جذابًا.
- لطالما عانت منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا من أدنى مستويات الاتصال، فضلاً عن ارتفاع تكاليف النطاق العريض للخطوط الثابتة. ولهذا فقد عمد مشغلو الهواتف المحمولة إلى تزويد المنطقة بهواتف ذكية أقل جودة وتكلفة. وأتاح ظهور الهواتف الذكية الرخيصة في العديد من بلدان هذه المنطقة للسكان تخطي تكنولوجيا سطح المكتب واعتماد التطبيقات التي توفرها لهم أول أجهزتهم الرقمية. وتوفر التطبيقات الفائقة منصة متعددة الإمكانات يتطلب تشغيلها نطاقًا تردديًا أدنى وبيانات أقل.
- يمكن أن تعزز التطبيقات الفائقة الشمول المالي في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
- توفر هذه التطبيقات فرصة لمزيد من الشمول الرقمي للأشخاص الذين يعيشون في مناطق نائية في الشرق الأوسط وإفريقيا، تعاني من بنية تحتية تكنولوجية ضعيفة. وعلاوة على ذلك، تتيح التطبيقات الفائقة للأشخاص في المناطق النائية التي تعاني شحًا في الخدمات المالية بسبب قلة الفروع التقليدية للبنوك، والذين لم يسبق لهم التعامل مع البنوك، تنفيذ معاملات مالية، وأن يصبحوا جزءًا من منظومة مالية أوسع.
- لا يزال تنسيق السياسات الوطنية يمثل التحدي الأكبر أمام توسيع نطاق التطبيقات الفائقة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
- تضم منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا أكثر من 60 دولة يتحدث سكانها بأكثر من 1000 لغة، وفيها بيئات اقتصادية وسياسية وثقافية متباينة. وعلى الرغم من أن الاتحاد الأفريقي ومجلس التعاون الخليجي يعززان تنسيق السياسات الصناعية وسياسات البيانات، إلا أن الواقع المجزّأ الراهن يمثل عبئًا تشغيليًا وتنظيميًا وماليًا بالنسبة للتطبيقات الفائقة التي تسعى إلى زيادة انتشارها.
وفي سياق متصل، قال والتر باسكواريلي، مدير الأبحاث في مجال التكنولوجيا والمجتمع في إيكونوميست إمباكت: “تشير دراستنا بوضوح إلى أن تطوير التطبيقات الفائقة ومسارها المستقبلي يتناسب إلى حد كبير مع الموقع الجغرافي الذي تتطور فيه. ويعد قطاع التأمين في دول مجلس التعاون الخليجي، وسوق السيارات المستعملة، وشركات الوساطة العقارية عبر الإنترنت في الإمارات العربية المتحدة، وقطاع التحويلات المالية الرقمية في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، من أهم القطاعات الناضجة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا التي يمكنها أن تتحول إلى نظام التطبيقات الفائقة”.
إلى ذلك، سلطت الدراسة الضوء على دور الحكومات باعتبارها أكبر جهات الإنفاق في المنطقة، إذ ستكون خياراتها بشأن الاتجاه الذي ينبغي لسياساتها الصناعية وسياسات البيانات أن تتجه فيه ذات دور محوري. وفضلًا عن سياسات الحكومات الفردية، فمن المتوقع أن يكون تنسيق السياسات عبر المنطقة خيارًا استراتيجيًا سيحدد مستقبل التطبيقات الفائقة.
يمكن تحميل التقرير عبر الرابط