قال رئيس تجمّع رجال وسيدات الأعمال اللبناني الصيني علي محمود العبد الله أن استلام لبنان الهبة الصينية الجديدة المكوّنة من 300 ألف لقاح ومعدات استشفائية لمواجهة تداعيات جائحة كورونا يجسّد مدى التزام الصين قيادة وشعبا بدعم لبنان في هذه الأيام العصيبة التي نعيشها. وأضاف إن الدعم الصيني ليس أمرا جديدا بالنسبة لنا في لبنان، ويمثّل امتدادا لسياسة الصين القائمة على الأخوّة والتعاون، والتي تنتهجها تجاه لبنان وكل دول العالم. لكن العبد الله شدّد من جهة أخرى على ضرورة حسم لبنان لموقفه والمبادرة إلى رفع مستوى التنسيق والتعاون مع الصين خصوصا على المستوى الاقتصادي. واعتبر أن تعزيز العلاقات من خلال المشاريع الاقتصادية والتنسيق مع الشركات الصينية هو فرصة يجب أن يتعامل معها لبنان بكل جدية، خصوصا وأن الصين أعربت في مناسبات عدة عن استعدادها لتنفيذ مشاريع سواء في قطاع الطاقة أو النقل وغيرها من المجالات.
وقال العبد الله: “الصين ليست مجرد بلد ينظر إلى لبنان باعتباره بلدا صديقا، الصين هي دولة عُظمى تبني سياساتها من منظور استراتيجي يستهدف تطوير العلاقات الثنائية على كل المستويات، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية وثقافية. لا بل تحرص الصين على تقديم الدعم إلى لبنان في مجالات بالغة الدقة على مستوى التعليم والرعاية الصحية وحتى في مجالات ثقافية وموسيقية. وكلنا نعلم أن الصين تموّل مشروع بناء المبنى الجديد للمعهد الوطني العالي للموسيقى في لبنان “الكونسرفتوار” وتجهيزه، وبتمويل مباشر من جانب الحكومة الصينية. ولهذا فنحن لسنا أمام مجرد بلد يقدم مساعدات شكلية، بل أمام صداقة عمرها 50 عاما وتمتد لتشمل ميادين بالغة الأهمية، مثل حفظ السلام. وتشارك الصين في قوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، كما شاركت في الاجتماعات الدولية الخاصة بدعم لبنان وآخرها المؤتمرين الدوليين لدعم الشعب اللبناني بعد انفجار مرفأ بيروت فضلا عن دعم لبنان في المحافل الدولية”.
وأضاف: “لقد أبلغ الصينيون لبنان من خلال رئيس الحكومة السابق د. حسان دياب رغبتهم بالتعاون في مجال إنتاج الكهرباء من خلال الشركات الصينية بالإضافة الى ميادين أخرى، مثل: سكك الحديد، معالجة المياه، النفط، وادارة ملف النفايات وتطوير مشاريع صناعية، لكن لبنان لم يحسم أمره إزاء هذه العروض المُلفتة والضرورية. إن عدم مسارعة لبنان إلى استكشاف فرص التعاون مع الشركات الصينية، هو خطوة غير موفّقة، ومن المفيد أن تبادر الحكومة اللبنانية إلى حسم موقفها في هذا الإطار”.
وقال: “لا يجب أن ننسى أن لبنان سبق أن وقّع في العام 2017 مذكرة تفاهم مع الحكومة الصينية حول “الترويج المشترك للتعاون في إطار الحزام الاقتصادي لطريق الحرير ومبادرة طريق الحرير البحرية للقرن الواحد والعشرين”. ونصّت المذكّرة على تعاون الجانبين في مجالات ذات اهتمام مشترك منها النقل واللوجستيات والبنى التحتية، الاستثمار والتجارة، الطاقة والطاقة المتجدّدة والتبادل الثقافي والتبادل بين الشعوب والصحة والرياضة. لا بل ذهبت المذكرة أبعد من ذلك، إذ تضمّنت يومها تبادل زيارات رفيعة المستوى استنادا إلى آليات التعاون الحكومية وغير الحكومية القائمة، وبناء منصة متعدّدة المستويات لتبادل المعلومات في مختلف المجالات وتأمين قنوات متنوّعة لهذه الغاية وتعزيز الشفافية. اضافة الى تنفيذ برامج تجريبيّة وأبحاث مشتركة وتبادل للموظفين وتنظيم دورات تدريبية في مجالات أساسية. كما نصّت المذكرة على صياغة خطة عمل للتعاون الثنائي والتشاور وإبرام مشاريع مشتركة وتنفيذ الاعمال المرتبطة بهذه الخطط المشتركة. ومؤخرا قال السفير الصيني تشيان مينجيان أن “بكين تعتبر لبنان محطة محورية هامة تاريخيا، وحلقة حيوية في مبادرة الحزام والطريق في المرحلة المعاصرة”. وأتت تصريحاته هذه بعد تأكيده منذ أشهر أن “الصين تنظر بأهمية إلى تطوير العلاقات الصينية اللبنانية”، مؤكدا أنه سيفعل “كل ما في وسعه لتعزيز هذه العلاقات التي وصفها بالتاريخية”.
وختم العبد الله قائلا: “لبنان في أمس الحاجة إلى تعزيز علاقاته مع الصين خصوصا مع القطاع الخاص. نحن في أزمة لا سابق لها، ويجب الاستفادة من الدعم الصيني لتحقيق النهوض الاقتصادي بأسرع وقت ممكن. والسؤال المنطقي هو: ماذا ننتظر لتفعيل مذكرات التعاون والتجاوب مع عروض المساعدة الاقتصادية مع الصين؟”.