شاركت السيدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية في الاجتماع العاشر للمجلس الأعلى لمنظّمة المرأة العربيّة الذي عقد في القاهرة برئاسة دولة ليبيا ممثلة بوزيرة الدولة لشؤون المرأة الليبية الدكتورة حورية خليفة الطرمال، ومشاركة رئيسات الوفود من الدول الأعضاء في المنظمة والمديرة العامة للمنظمة الدكتورة فاديا كيوان.
ومن أبرز ما تضمّنه الاجتماع، عرض لتقرير أعمال منظّمة المرأة العربيّة في الفترة الممتدة بين 2019 و2021 واعتماد عناوين خطّة عمل المنظّمة 2023-2026 “تطوير عمل المنظّمة وتعزيز فعاليّتها في خدمة النساء في العالم العربي”، كما تمّ التصديق على القرارات الصادرة عن المجلس التنفيذي للمنظمة الذي كان سبق أن اجتمع ليومين متتاليين في القاهرة قبل اجتماع المجلس الأعلى، ومثّلت لبنان فيه عضو المجلس التنفيذي في المنظمة الوزيرة السابقة السيدة وفاء الضيقة حمزة.
كما ضمّ الوفد اللبناني، الكاتب العدل رندة عبود أمينة سرّ الهيئة الوطنية لشؤون المرأة والسيدة ميشلين الياس مسعد المديرة التنفيذية للهيئة الوطنية والمستشارة رحاب أبو زين نائب مندوب لبنان الدائم لدى جامعة الدول العربية.
وألقت السيّدة عون كلمة لبنان في اجتماع المجلس الأعلى للمنظمة قالت فيها: “نلتقي اليوم في مجلسنا في الوقت الذي تنطلق فيه في العالم الحملة السنوية للـ 16 يوماً المكرسة لمكافحة العنف المبني على النوع الاجتماعي. في الوقت عينه يتعرّض العديد من النساء لأنواع متعددة من العنف تزيدها قساوة في العديد من بلداننا العربية الأعمال الحربية وظروف الفقر والاحتلال. مع ذلك تبذل الجهود في مجتمعاتنا على أكثر من صعيد لمكافحة جميع اشكال العنف ضد النساء والفتيات ومن السبل المعتمدة لهذا الغرض، العمل بالتوجيهات التي تضمّنها قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن.”
وتابعت: “في هذا الإطار اعتمدت الحكومة اللبنانية في خريف العام 2019 الخطة الوطنية التي أعدتها الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، لتطبيق القرار الأممي، وقد تضمنت هذه الخطة من بين أهدافها الاستراتيجية هدف “وقاية النساء والفتيات من العنف المبني على النوع الاجتماعي وحمايتهن منه” كما تضمنت هدف “مشاركة المرأة في صنع القرار على جميع المستويات”. ذلك بالإضافة إلى أهداف “منع نشوب النزاعات” وتلبية احتياجات النساء إلى الإغاثة والإنعاش من جراء النزاعات والكوارث وإجراء التعديلات التشريعية اللازمة لتحقيق هذه الأهداف.”
وأضافت: “كان واضحاً لنا في الهيئة الوطنية منذ البداية أنه من غير الممكن للنساء اكتساب القدرات والثقة بالنفس، إن هُنَّ بقينَ أبداً أسيرات للخوف من إمكان تعرضهن لعنف قد يأتيهن في نطاق عملهن وحتى في بيوتهن على شكل تحرش جنسي في مكان العمل أو عنف أسري أو ابتزاز إلكتروني. هذا علماً، أن هذه المخاطر التي تخشاها النساء شهدت تزايداً ملحوظاً من جراء التوترات الناتجة عن تفاقم الوضع الاقتصادي في بلادنا وعن الإغلاق الذي فرض بغية مكافحة الوباء.
تجاه هذا الوضع سعينا في الهيئة، بالتعاون مع شركائنا، لتوفير حماية قانونيّة أكثر شمولاً للنساء. وفي أواخر السنة الماضية تبنّى المجلس النيابي قانوناً يجرّم التحرّش الجنسي ويؤمن حماية أوسع للنساء المعنّفات في أسرهنَّ. كذلك أطلقنا بالتعاون مع مديريّة قوى الأمن الداخلي حملة واسعة للتوعية على سبل مواجهة ظاهرة الإبتزاز الالكتروني التي انتشرت مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي تقع معظم ضحاياها بين النساء.”
وأكّدت أنه : “من بين الأهداف التي تسعى الهيئة الوطنيّة إلى تحقيقها صوناً لحقّ المرأة في توجيه مسار حياتها، حماية الطفلات من التزويج المبكر وهي تطالب المجلس النيابي بإقرار قانون يحظّر الزواج قبل سنّ ال 18 سنة. ولا بدّ هنا من الإشارة إلى خطوة ايجابيّة اتّخذتها في لبنان، في الربيع الماضي، الطائفة السنيّة الكريمة الّتي عدل فيها المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى نظام أحكام الأسرة وجعل إتمام الثامنة عشر من العمر شرطاً للأهليّة للزواج ومنع تزويج القاصر أو القاصرة قبل إتمام الخامسة العشر من العمر.”
وقالت: “علّمتنا الصعوبات التي واجهناها في عملنا في الهيئة الوطنيّة أنّ المرأة تستمدّ الطاقة للنهوض بنفسها من قدراتها الذاتيّة. لذا تمّ تركيز الجهود في الفترة الأخيرة على السبل الكفيلة بتمكين النساء في المجالين السياسي والاقتصادي اللذين لا يزال حضورهنّ ضعيفاً فيهما. وبما أنّ متطلّبات التمكين لا تقتصر على ضرورات تنمية القدرات المعرفيّة والتقنيّة بل تشمل أيضاً تنمية القدرات الرياديّة والتواصليّة، عمدنا في الهيئة في البرامج التي أنجزناها مؤخّراً في إطار دعم مشاركة النساء في المجالس البلديّة في المناطق، إلى مساعدة السيدات العضوات في هذه المجالس على تصميم مشاريع إنمائيّة صغيرة وعلى الإشراف على تمويلها وتنفيذها في نطاق بلداتهنّ. وقد تمّ اشتراط أن تتعاون السيّدات في تنفيذ البعض من هذه المشاريع، مع زملائهن الرجال في المجالس البلديّة ومع الشباب في البلدة. نتج عن هذه البرامج تنفيذ السيّدات في البلديّات مبادرات إنمائيّة في 25 بلدة ونتج عنها تجارب ناجحة في التمكين الاقتصادي والسياسي للسيدات المشاركات اللواتي أنشأنَ مع بعضهنّ ومع زملائهن في البلديّات شبكات تواصل لتبادل المعلومات والخبرات.
إلى ذلك نسعى جاهدين في الهيئة بالتعاون مع لجنة المرأة والطفل البرلمانيّة ومع شركائنا في المجتمع المدني إلى دفع القوى السياسيّة في البرلمان إلى تضمين قانون الإنتخابات النيابيّة لكوتا نسائيّة تساعد المرشّحات مرحليّاً على تخطّي الحواجز الاجتماعيّة والذهنيّة التي لا تزال تحول دون وجود تمثيل نسائي وازن في المجلس النيابي.”
ورأت أننا : “نواجه في لبنان حاليّاً أزمة متعدّدة الأبعاد تنعكس بالضرورة على أوضاع المرأة وكان من أبرز نتائجها ازدياد نسبة البطالة لدى الإناث بمعدّلات تفوق تلك المسجّلة لدى الذكور. فانتشار الجائحة وتردّي الأوضاع الماليّة زادا من متطلبات الرعاية الأسريّة ودفعا بالعديد من النساء إلى التخلّي عن العمل. من جهة أخرى أعاق العديد منهنّ عدم امتلاك وسائل ومهارات العمل عن بعد الذي فرضته ظروف الإغلاق بسبب الجائحة أوّلاً وبعد ذاك ارتفاع بدل النقل إلى مكان العمل. لذا سوف تسعى الهيئة الوطنيّة لشؤون المرأة في المرحلة المقبلة إلى تكثيف الجهود لمحو الأميّة الرقميّة لدى النساء ولنشر الوعي لدى الشباب لضرورة تشارك الرجال والنساء في تحمّل مسؤوليّات الرعاية الأسريّة، ذلك بغية تمكين وتشجيع النساء على المضي في العمل للتمكّن من مواجهة الصعوبات الاقتصاديّة وتجنّب العوز والفقر. ونأمل بأن تنجح جهودنا في هذا المجال في تطوير الذهنيّات لدى الشباب.”
وختمت: أشكر رئاسة المنظّمة ومجلسها التنفيذي ومديرتها العامّة وطاقم عملها على تنظيم هذا الإجتماع وأتمنّى للمنظّمة التوفيق في التوصُّل إلى توفير شروط استمرار تقدّم المرأة العربيّة على الرغم من كلّ الصعوبات التي تعترض مسيرتها.”